عن هذه النشرة  |  اتصل بنا 

عودة الى الصفحة السابقة

المعهد للتطور المنسجم للإنسان  ¹ 

التابع ل:

ج. غوردجييف

 

الفرع الرئيسي: فرنسا, فونتنبلو

(سابقاً: Chateau de Prieure)

أصدِرت النشرة التمهيدية بطبعة خصوصية عام 1922، باللغات الإنكليزية، الفرنسية، والألمانية. وتعتبر أول إفادة عن تاريخ وتعاليم غوردجييف المنشورة في أوروبا، وتصف برنامج المعهد بأنه استمرار للجمعية التي كان اسمها: "الباحثون عن الحقيقة" والتي تأسست سنة 1895. تعرض النشرة أنّ السيّد غوردجييف كان قد أسّس المعهد لدراسة فِكَرِه، ولتطبيق نظامه العلميّ التوجيهيّ تطبيقًا عمليًّا. وهي تضمّ ثلاث عشرة صفحة مقسمة إلى قسمين رئيسيين. إليكم ترجمة النص الرئيسيّ، من الصفحة 1 إلى الصفحة 6. أمّا القسم الآخر (غير الموجود هنا) فيحتوي على ملحق لتسجيل نتائج فحص الوظائف الرئيسية لجسم المشترك ولقوامه النفسي.


المعهد للتطور المنسجم للإنسان وفقاً لنظام ج.إ.غوردجييف العلميّ، هو، عمليًّا، استمرار للجمعية التي كان اسمها "الباحثون عن الحقيقة". تأسست هذه الجمعية سنة 1895 من قبل اختصاصيين, بما فيهم أطباء, علماء آثار, كهنة, رسّامون، وغيرهم, حيث كان هدفهم دراسة متعاونة وطيدة لما يُسمى بالظواهر فوق الطبيعية. وكان لكلّ منهم اهتمام بها من وجهة نظر معيّنة.

La Prieure
 بناية المعهد (La-Prieure) - شتاء 1922
صورة: مؤسسة غوردجييف في نيويورك

أثناء وجود هذه الجمعية, قام أعضاؤها بعدة سفرات صعبة جداً, أكثرها في بلاد الفرس, أفغانستان, تركستان, بلاد التبت, الهند وفي بلاد أخرى، أيضاً. وقد قاموا بمقدار كبير من العمل بأنواعه المتعددة المتعلق بهدفهم، والذي تطلب مجهوداً وتنظيماً كبيرين.

خلال فترة سفرهم وعملهم، تُوفي العديد من أعضاء الجمعية، بينما تخلّى آخرون عن مهمتهم من حين إلى آخر، حيث إنّ عددًا قليلاً، فقط، رجع إلى روسيا سنة 1913 تحت قيادة السّيد غوردجييف.

كانت مدينة طشقند محطتهم الأولى، لكن بعد ذلك أقام السّيد غوردجييف مركزه الرئيسي في موسكو بهدف ترتيب المادّة التي استجمعت، وبهدف استعمال بعضها بشكل عمليّ بعد ترتيبها لهذه الغاية.

وقدّم السّيد غوردجييف سلسلة محاضرات منظمة، جعلت العديد من العلماء في جميع الفروع يحتشدون حوله، وخلال فترة قصيرة ازداد مجموع الناس المعنيين بفِكَرِهِ.

ومن ثمّ قرّر تأسيس مؤسسة توجيهية أسماها: "المعهد للتطور المنسجم للإنسان", وهو مشروع كان يفكر فيه منذ وقت طويل، لدراسة فِكَرِه ومن أجل تطبيق نظامه العلميّ التوجيهيّ تطبيقًا عمليًّا.

لكنّ الحرب والأحداث اللاحقة منعت مشروعه هذا، ولكونه مجبرًا على ترك موسكو، سافر من دولة إلى أخرى ليستقرّ في النهاية في أوروبا.

رغم الصعوبات الناتجة عن أحداث السنوات الأخيرة، وجد السّيد غوردجييف الوسائل لتنظيم حملات علمية ولتكوين مجموعات في مدن مختلفة تبعًا لمنهاج، من أجل دراسة القسم النظريّ للعمل.

الموقع الذي بحث عنه طويلاً وجده أخيرًا في فونتنبلو [Fontainebleau] في فرنسا قرب باريس؛ حيث في سنة 1922 نجح غوردجييف في شراء بيت ريفيّ ضخم اسمه " البريري" [La Prieure] حيث أسّس مركزًا ًدائمًا للمعهد وفقًا لخطته الأصلية.

رغم أنّ فترة التنظيم لم تنتهِ بعد، باستطاعة الفرع الرئيسيّ من المعهد أن يستضيف مائتي زائر ومائة ساكن مقيم، وخلال فترة قصيرة هذه الأرقام سوف تزداد.

إن حلقة الأشخاص المعنيين بفِكَر المعهد تتوسع بشكل متواصل, حيث أن مجموع أعضاء المعهد في جميع الدول يقارب اليوم الخمسة آلاف, وهم من جميع القوميات والأديان.

يقسم المعهد أعضاءه إلى فئتين:

  1. 1. هؤلاء المعنيّون بفِكَر المعهد، إثر المعلومات المُكتسبة مُسبّقًا.

  2. هؤلاء الراغبون أن يتدربوا حسب فِكر المعهد.

نظام معهد غوردجييف العلميّ للتدريب المنسجم مؤسّس على استنتاجات نابعة من الفرضيات الآتية:

بسبب شروط الحياة المعاصرة، أُبعد الإنسان عن نمطه الأصليّ. بكلمات أخرى، عن النمط الذي وجب عليه أن يكون بفضل بيئته: المكان، المجتمع والحضارة التي وُلد ونشأ فيها جميعًا.

بطبيعتها, رسمت هذه الشروط للإنسان حدودًا لدروب النموّ نحو نمط طبيعيّ نهائيّ، وجب حصوله عليه. حضارة زمننا, بصحبة وسائلها الغير محدودة لانتشار تأثيرها, حرفت الإنسان عن الشروط الطبيعية التي وجب عليه أن يعيش بها. صحيح أنّ الحضارة فتحت طرقًا جديدة للإنسان في مجالات المعرفة, العلوم والحياة الاقتصادية, وبالتالي وسّعت قدرته على إدراك العالم. لكن بدلاً من رفعه إلى مستوى نموّ أعلى في جميع الاتجاهات, نمّت هذه الحضارة جوانب معيّنة، فقط، من طبيعته على حساب قُدُرات أخرى, وحتى أتلفت البعض منها كلياً. سلبت الحضارة الفوائد الطبيعية لنمطه بدون تزويده, في الوقت نفسه، بما هو ضروريّ للنموّ المنسجم لنمط جديد. من إنسان مُكمَل بشكل فردي, المتأقلم عادتاً للطبيعة وللبيئة الذي وُضع فيها والتي أبدعته, أنتجت الحضارة كائنًا منسلخًا عن محيطه الملائم له، غير مؤهّل للحياة، وغريبًا عن كلّ شروط الشكل الحاليّ لوجوده.

غلاف النشرة التمهيدية
صورة إيضاحية غنية بالرموز الإيزوتيريكية رسم:ألكساندر دي سالزمان
صورة: مؤسسة غوردجييف في نيويورك

هذا هو الموقف المُتخذ، بمساعدة طريقة التحليل النفسيّ، من قبل نظام السّيد غوردجييف السيكولوجيّ، والذي يبرهن، بشكل اختباريّ، أنّ إدراك الإنسان المعاصر للعالم وأسلوب حياته، ليسا تعبيرًا واعيًا لكامل كيانه؛بل ضدّ ذلك هو الصحيح, فهي فقط تعبيرات غير واعية، فقط، لجزء أو لآخر منه..

من وجهة النظر هذه، حياتنا النفسية - إذا أخذنا بعين الاعتبار كلاًّ من إدراكنا الحسيّ عن العالم وتعبيرنا عنه - فشلت في أن تقدّم وَحدة كاملة فريدة غير متجزئة، أي وَحدة كاملة تقوم بدور مستودع عاديّ لجميع إدراكاتنا الحسية، كمصدر لجميع تعبيراتنا. بل ضدّ ذلك هو الصحيح، فهي منقسمة إلى ثلاث كينونات منفصلة، لا يربط بينها أيّ شيء مشترك، بل هي مختلفة من ناحية كلٍّ من وظائفها وموادّها المُكَوِّنة.

ثلاثة هذه المصادر المنفصلة كليًّا: الحياة الفكرية، العاطفية والغريزية أو الحركية للإنسان، المأخوذة كلّ منها بالمفهوم لجميع تشكيلة وظائفها الخاصّة، يسميها هذا النظام العلميّ: المركز الفكريّ، العاطفيّ، والحركيّ.

يجب على أيّ إدراك حسّيّ وتعبير واعٍ حقيقيين للإنسان، أن يكونا نتيجة لعمل منسّق وحاصل في وقت واحد لكلّ المراكز الثلاثة، حيث كلّ منها ملتزم أن يؤدّي كامل واجبه، أي توفير حصته النسبية من الاتحاد. إدراك الترابط الكامل في أيّة حالة معطاة ممكن أن يحدث، إذا عمل ثلاثة المراكز معًا، فقط. لكن بسبب عدّة عوامل عائقة ومؤثرة على الإنسان المعاصر، فعمل المراكز النفسية منفصل تقريبًا. بناء على ذلك، كفّت وظائفه الفكرية، العاطفية والغريزية/حركية، عن تكميل وتصحيح بعضها بعضًا، لكن ضدّ ذلك هو الصحيح، فإنها تسير بمسارات مختلفة تلتقي نادرًا، وبالتالي تسمح بلحظات قليلة جدًّا من الوعي.

إخفاق المراكز الثلاثة في التناسق ناجم عن الواقعة أنّ هناك - إذا جاز التعبير - ثلاثة أشخاص مختلفة في الفرد الواحد, ، فالأول لا يفعل شيئًا سوى التفكير، والثاني يشعر، فقط، والثالث يعيش حسَب غريزته ووظائفه الحركية: شخص منطقيّ، شخص عاطفيّ وشخص ذاتي ّالحركة.

ثلاثة الأشخاص في الفرد، لا يفهم الواحد منهم الآخر بتاتًا؛ فكلّ منهم يحبط (عن وعي أو عن غير وعي) برامج، أهداف وعمل الآخرين، ومع هذا، فكلّما احتلّ أيّ منهم في أثناء فعاليته موقفًا مسيطرًا يلقب نفسه "أنا".

مشاهدة الفعالية غير المتحدة والمناقضة لهذه المراكز، تبيّن أنّ الإنسان لا يستطيع أن يكون سيّد نفسه. فبما أنّه ليس هو من يحكم مراكزه، فهو نفسه لا يعرف أيًّا من مراكزه سيكون التالي بتأدية وظيفته. إنّ الناس لا تلاحظ هذا لأنهم موجودون تحت تأثير خيال وحدة "أناياتهم"  ²  وتكوين نفسيتهم الشامل.

إذا أدّيت مشاهدة صحيحة لفعاليات الإنسان النفسية، فسيكون واضحًا أنّ الإنسان المعاصر لا يقوم بفعاليته طوعاً أبدًا، ولأسباب في داخله. لكنه بأدائه لهذه الفعاليات فهو، ببساطة، يُعبّر عن التغييرات المستحثة بآليته عن طريق دوافع خارجية. ليس الإنسان هو المفكّر لكنّ شيئًا يفكر فيه، هو لا يفعل بل هناك شيء يفعل خلاله؛ هو لا يبدع، بل هناك شيء يبدع به؛ هو لا ينجز، بل هناك شيء ينجز خلاله.

هذه الفرضية ستصبح واضحة بشكل خاصّ عندما نفهم عملية الإدراك الحسّيّ للتأثيرات الخارجية (والباطنية) من قبل كلّ مركز، وبصورة مشابهة، عندما نفهم العملية التي بها تُسبّب نشاطات ردّ الفعل.

في الإمكان تشبيه المراكز النفسية بطفل مولود حديثًا، بإسطوانات فونوغراف فارغة، والتي عليها من اليوم الأول تنقش انطباعات العالم الداخليّ والخارجيّ نفسها. فالمادّة المنقوشة تُحفظ، بالتالي، في كلّ مركز بالترتيب نفسه، وبترتيب غير مناسب، أحيانًا، وبالعلاقات نفسها التي استقبلت بها الانطباعات في الحياة.

عمليات الخيال، الذاكرة، تكوين الرأي، التعقل والتفكير، هي عمليات مؤلفة بشكل حصريّ من الموادّ المنقوشة، التي تمتزج وتترابط بشتى الطرق بتأثير صدمات مصادفة. هذه الصدمات تحرّك إحدى هذه الإسطوانات بقوّات مختلفة وبالتالي تصبح محتوياتها (الموادّ المنقوشة عليها) مركز ترابط المعاني في الوضع المعيّن. صدمة إضافية، أو صدمة عن قوّة مختلفة، تثير فوق ذلك تداعيًا آخر من ترابط المعاني، تسلسل أفكار، مشاعر وسلوكًا أخرى، وبناء على ذلك، تسلسلاً آخر من الأفكار، المشاعر، والتصرفات. ولا يستطيع أيّ مركز أن يضيف أيّ شيء من نفسه أو أيّ شيء جديد من الانمزاجات المُشكلة إلى هذا الحدّ، ولا يستطيع أن ينتزع من الموادّ المكوّنة المُشكلة في المراكز الأخرى.

يُفهم من ذلك، أنّ إدراك الإنسان الحسّيّ للعالم هو، دائمًا، عمل قسم واحد، فقط، من كيانه، أو، بصيغة أخرى، يوجد للإنسان ثلاث عمليات مختلفة من الإدراك الحسّيّ. لا يوجد لأيّ من هذه العمليات أيّ ترابط مع الآخر، أو أنها تترابط بالصدفة وبصورة جزئية، فقط. لذلك فكلّ رأي يكوّنه الإنسان عن الأشياء هو مجرد عمل لقسم واحد من بنية نفسيّته وتعبير لجزء من الموادّ الموجودة تحت تصرّفه. من هنا، فآراء الإنسان جزئية بشكل ثابت وبناء على ذلك، فهي خاطئة.

La Prieure
 منصة البيت الدراسي - صيف 1923 صورة: مؤسسة غوردجييف في نيويورك

من الواضح من خلال المذكور أعلاه أنّ أول شيء ضروريّ للتطوّر المنسجم للإنسان هو أن ندرّبه على تمكين كلّ واحدة من وظائفه النفسية من التطلع فورًا إلى عمل ثلاثة مراكزه. يجب على وَحدة عمل المراكز أن تكون متساوية في الوقت نفسه، وعندها ثلاثة دواليب الآلة الإنسانية ستعمل بسلاسة بدون أن يعرقل واحد منها الآخر. ستعمل بأعلى كفاءة، إمّا بما يتعلق بوظائفها المستقلة، وإمّا بمستوى الوعي الممكن للإنسان إحرازه، لكنه ليس بمستطاعه البلوغ إليه أبدًا في الظروف الاعتيادية.

عندما نأخذ بالحسبان أنّ درجة التطوّر الممكنة في كلّ مركز تختلف من شخص إلى آخر، وأنّ محتويات كلّ مركز (الانطباعات المسجلة) مختلفة، أيضًا، فلا بدّ من أن نصل إلى الاستنتاج الواضح أنه يجب لطريقة فهم العمل أن تكون فردية بشكل تامّ. 

جميع المحن الوظائفية, الخاضعة لها الآلة الإنسانية في ظروف الحياة الاعتيادية, تتزايد مع تقدم الزمن. وممكن لهذه الآلة أن تعمل بشكل سوي فقط بعد كفاح حاسم بالضعوفات التي نشأت.

لكنّ الإنسان عاجز عن أن يدير هذا الكفاح بدون مساعدة وبوساطة جهود إرادته. ولا تستطيع هذه الجهود أن تفيده في عمله على نفسه بوساطة طرق تدريب - النفس وتنمية - النفس المتعدّدة الآن بكثرة. هذه الطرق تتصح للجميع بالإضافة إلى مناهج وعمليات عامّة ومتنوّعة مثل التمارين الجسمانية المتعدّدة، تمارين التأمّل والتركيز، تمارين التنفس المصحوبة بتمارين جسمانية، أنظمة الحِمية المتعدّدة، الصوم، وهلمّ جرًّا.

مثل هذه المناهج، الموصوفة للجميع بدون تمييز لحاجة الفرد وقدراته وبدون الاعتبار المستحقّ لمميّزات وخصائص كلّ شخص، ليست غير مفيدة، فحسب، بل قد تصبح خطرة، لأنه بينما قد تؤدّي محاولات جاهلة لإصلاح الآلة إلى التسبّب بتغييرات معيّنة، ففي الوقت نفسه سوف تسبّب هذه المحاولات تغييرات أخرى، لا يُمكن لشخص جاهل وقليل الخبرة تنبؤها أو الحذر منها. يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنّ الآلة الإنسانية موجودة دائمًا في توازن آليّ ما، إذا سارت بشكل ممهّد أو بشكل غير منتظم. إذًا، فأيّ تغيير معمول في اتجاه واحد ملزم أن يؤدّي إلى تغيير في اتجاه آخر، وإنها قطعيًّا نقطة أساسية تنبئ بهذا وعدم السماح به.

من أجل تجنب نتائج غير متوقعة وغير مرغوبٍ بها، فمن الضروريّ عند العمل على النفس، التكيّف مع النظام المفترض بوساطة المناهج الخاصّة المفروضة بتشدّد وفقًا لحاجات الفرد أو لظروفه الخاصّة، بهدف تنمية "عطلات" جديدة ومحدّدة كوسيلة، بواسطتها ممكن للعطلات القديمة أن تعتدل وتتغير. وبكلمات أخرى، من الضروريّ تنمية قدرات متعذر بلوغها في الحياة الاعتيادية، لا يستطيع الإنسان أن يطوّرها بدون مساعدة أو بالاستعانة بأيّ منهج عامّ.

اتخاذ مناهج تعليمية من هذا النوع، مفروضة بتشدّد وفقًا لحاجات الفرد أو لظروفه الخاصّة، ممكن، فقط، بشرط أن تؤخذ كلّ حالة عضوية ونفسية بالإضافة إلى تربيته وجميع حالات وظروف حياته بالحسبان. من أجل تحديد هذه الخصائص بدقة مطلقة، من الضروريّ بوقت طويل. وهذا على الغالب بسبب الواقعة أنّه منذ صغره، وبسبب تربيتنا المعاصرة، اكتسب الإنسان قناعًا خارجيًّا، أي بكلمة أخرى، نمطًا خارجيًّا لا يربطه أيّ شيء مشترك مع نمطه الحقيقيّ. أثناء حياته، ينمو هذا القناع ليصبح أكثر سُمكًا، إلى أن يفقد الإنسان المقدرة على التفريق بين ذاته وقناعه.

لكن بما أنه ضروري - من أجل تأسيس الخواصّ الفردية المنسوبة لكلّ شخص، ولاكتشاف ميزات وقدرات نمطه - تدمير قناعه، وهذه المسألة هي مسألة وقت. عندها، فقط، من الممكن التقدّم في دراسة ومراقبة الإنسان، أي نمطه الحقيقيّ، وعندها، فقط، ممكن تخطيط برنامج لعمل إضافيّ له.

فحص مستقل يُجرى للوظائف الرئيسية للجسم وللقوام النفسيّ، أي: للانتباه، للذاكرة، للنطق، لدرجة الذكاء، للمزاج، لطبيعة الانعكاسات اللاإرادية للنفس والجسم، للنظر، للسمع، لحاسة الشم، للتذوق، لفهم الألوان، لميزات الفيوض، وهلمّ جرًّا.

هذه الفحوصات، بصحبة المراقبات العامّة والخصوصيات المجمّعة المتعلقة بميول الفرد وقدراته، تُستخدم كأسس بناء عليها يُكتب اتجاه الدراسة والعمل الفعليّ الذي وجب أن يوصف نظرًا إلى تنمية -الذات في كلّ شخص.  

نتائج جميع الفحوصات والمراقبات تُسجّل في ملحق خاصّ، نسخة منه مضافة إلى هذه النشرة.  ³ 

وسط مرشديه الرئيسيين، يضمّ المعهد اختصايين من فروع المعرفة المختلفة: الطب، علم النفس، الكيمياء، علوم الرياضيات - الفيزياء، وهلمّ جرًّا.

ممكن، فقط، للمرشدين الذين تدرّبوا خصوصًا، والذين درسوا علم التطوّر المنسجم للإنسان من جميع الجوانب، أن يقوموا بتنفيذ برنامج المعهد وفقًاً لجميع المبادئ التي سردت.

La Prieure
 البيت الدراسي قبل غطاء سقفه صورة: مؤسسة غوردجييف في نيويورك

يوجد في الفرع الرئيسيّ للمعهد مختبرات خاصّة بعلم المقاييس النفسية، الكيمياء التحليلية، وعلم النفس التجريبيّ. في هذه المختبرات ممكن للفرد أن يجري بحثًا مستقلاً، وخصوصًا لتحقيق النظريات والفرضيات التي بدت مشكوكًا فيها أو استبدادية.

برنامج معهد التطوّر المنسجم للإنسان يحتوي على تشكيلة كبيرة من المواضيع التي منها يُختار صف دراسيّ واحد، يُهيّأ خصوصًا لحاجيات كلّ شخص حسَب خصائصه الفردية.

 البرنامج العامّ لمعهد التطور المنسجم للإنسان يحتوي على دراسة الإيقاع الموسيقي، الفنون، حِرف ولغات. برفقة هذه المواضيع، تنجز دراسة شاملة عن الإنسان والكون بجميع علاقاتهما، على ضوء العلم الأوروبي وعلى ضوء معرفة الشرق القديمة. هذه الدراسات تشمل تطبيق مناهج إدراك وفهم جديدة وأصلية بالكامل. فهي توسع أفق إدراك الإنسان، وفي الوقت نفسه، تساعد على تصليح عمليات الفكر والوعي.

يمتليمتلك المعهد، أيضًا، فرعًا طبيًّا يتولّى إصلاح أيّة محن وظائفية موجودة لدى الفرد، لأنّ معالجتها هي مسألة أساسية مطلقة قبل تولي أيّة تنمية متناغمة بكفاءة.

لقد بدأت صفوف دراسية لمجموعات متعدّدة، تابعة للمعهد، في أماكن نائية مع برنامج مناسب للممارسة.

هذه المجموعات تحافظ على اتصال مستمر مع المركز الرئيسي للمعهد بوساطة طاقم محاضرين متجولين ومدرسين تدرّبوا خصوصًا في المعهد، وأيضًا، بوساطة توزيع مجلة المعهد المطبوعة بحروف المعهد الخصوصية. لا تحتوي المجلة على المحاضرات والأحاديث فحسْب، بل على وقائع حياة المعهد اليومية أيضًا.

ترجمة: طوني لحود


عودة الى الصفحة السابقة

        

1.مصدر : مؤسسة غوردجييف في نيويورك
2. أناياتهم = جمع "أنا"
3. لا تحتوي هذه النشرة على نسخة للملحق.

الرئيسية | مقدمة | الحركات | الموسيقى | كتاباته | قراءات | تلاميذه | عمل المجموعات | خاص بنا

عن هذه النشرة | اتصل بنا

كافة الحقوق محفوظة ©