عن هذه النشرة  |  اتصل بنا 

  إنطباعات السيدة بيتريس سينكلير
(Beatrice Sinclair)

من زيارة غوردجييف لمدينة نيويورك عام 1948
بكلماتها الشخصية

بيتريس سينكلير
السيدة بيتريس سينكلير
شتاء 2007
صورة: ستيفين فوكس

هذا المقال هو تلخيص لما كتبت ¹  السيدة بيتريس سينكلير (Beatrice Sinclair) عن زيارة غوردجييف الأخيرة لمدينة نيويورك عام 1948. كانت قد كتبته بعد تلك الزيارة باثنين وخمسون عام تذكر فيه انطباعاتها لما اختبرت. ومن الجدير بالذكر أن هذا اللقاء بغوردجييف, خلاله اشتركت بالحركات الذي أرشدها غوردجييف نفسه, كان له تأثير عميقاً على حياتها. بعده, أصبحت عضو في جالية صغيرة في ميندهام (Mendham) في نيوجيرزي (New Jersey), التي اعتنت بالسيدة أوسبينسكي, أحد أقدم تلاميذ غوردجييف. كرست السيدة سينكلير حياتها لهذه التعاليم, وقد عينتها جاسمين هيوورث (Jessmin Howarth), أحد مرشدي الحركات الأوائل, لإرشاد الحركات في نيويورك وفي بلدان مجاورة. وحملت السيدة سينكلير هذه الوظيفة لأكثر من خمسة وثلاثين عام. استمرت السيدة سينكلير بفعاليتها في تعاليم غوردجييف, المسمى عموماً "بالعمل", حتى وفاتها في بيتها الواقع على نهر الهدسون في ولاية نيويورك في الربيع من عام 2008.

طوني لحود     


  بالرغم أن زيارة غوردجييف دامت بضع أشهر فقط, بدت لنا وكأنها عُمر, فالإنطباعات المختبرة مع غوردجييف في فندق ويلينغتون (Wellington) في مدينة نيويورك كانت غنية جداً. في هذه الفترة كان غوردجييف قد توقف عن التعليم بالطريقة الذي علّم بها في الفترة المدونة بقلم أوسبينسكي. فبدلاً من تلك الطريقة, كان يقابل , تلاميذه على انفراد أو كان يعلم طريق وجبات الغذاء والعشاء المشهورة [عُرف غوردجييف بتحضير الكثير من هذه الوجبات بنفسه في باريس أيضاً - ملاحظة المترجم]. وبسبب عملي كمعلمة في ريفيرديل (Riverdale), كان باستطاعتي حضور التجمعات المسائية فقط. وقد بدأت هذه بالحركات في أول المساء في قاعة كارناغي (Carnegie Hall) حيث تصاعد الغبار من الأرض بسبب الحركات المنتظمة للعديد من الناس المرتبة في عدة صفوف.

لقد بدأ بحركة "الأمريكية رقم 7" معنا, والتي أديناها ليلة بعد الأخرى. بها أرشدنا أن نحِس جانب الأيمن من جسمنا عندما رفعنا أذرعنا اليمنة وعندها أن نحس الجانب الأيسر. وبينما أدينا الإيقاع, بصحبة توجيه الرأس, كان ممكن للفرد أن يشعر بحضوره بقوة. بدت حركة التضاعف "الأمريكية رقم 11" للسيد غوردجييف كحركة خاصة ومثيرة. ففي مرحلة معينة, طلب منا أن نجلس في المقدمة بوقت تضاعف صفين. جان دي سالزمان عزفت البيانو, وغوردجييف طبّل على البيانو بصوت عال. في العديد من المرات, بدا غوردجييف وهو يبدع الحركة مع تقدمنا بها.

تعرفت على الحركات طريق السيدة جاسمين هيوورث (Jessmin Howarth) قبل حصص الحركات مع غوردجييف بأسبوع. وبالتالي كل هذا كان جديد بالنسبة لي. في أحد الأمسيات, بينما كنت أكافح لمواصلة الحركة في الخلف, كانت لي صدمة عندما نادني غوردجييف باسمي المستعمل بفترة الطفولة "آه, بيكوينا, بدون تقليد".

لم تكن لي أفكار مسبقة عن الحركات؛ فلم يكن هناك أي مواد مطبوعة عن الموضوع. ولجانب "الكل وكل شيء"لم يكن هناك أي شيء عن التعاليم. خلال "الأمريكية رقم 11", وجميع صفوفها المتقاطعة, أصبحت فجأة حركة مذهلة وذو قوة بمقدار كبير, وبسرعة كبيرة, لدرجة أني عرفت أني لم أحصي عند أدائها البتة. يُقال أن بالحركات يوجد رسالة, لكني لم أختبر مثل هذه اللحظة مرة أخرى أبداً.

في أحد الأمسيات, وقت نهاية حصة الحركات, غوردجييف رمى حفنة من جوز الليتشي (Lichee nuts) في الهواء باتجاه الصف وقال: "التقطوا" فاندفع الجميع بسرعة كبيرة. حينها صاح غوردجييف "قف". مازلت أشعر نفسي بوضعية الحركة وبدهشتي المخدرة لدرجة ما. ما زال الانطباع لنفسي واضح ليومنا هذا.

في أمسية أخرى, ببداية وجبة العشاء في فندق ويلينغتون, طلب غوردجييف أن ينقلوني لأجلس بجانبه. وقفت عندها في المدخل الكبير أنتقد قصصه قائلة لنفسي: "ظننت أني قدمت هنا لأتعلم شيء مهم!". فأتوا بمقعد ووضعوه بجانه, بين الكراسي المكتظة. شعرت وكأنه "جدي العزيز", رغم أني لم أقرأ حكايات بعلزبول لحفيده بعد. على الأقل, نويت أن أكون منتبهة جداً لغوردجييف وأن لا أتجول بعيداً في أحاديثي الداخلية. في مساء آخر, وجدت نفسي أبكي بطريقي إلى البيت في القطار النفقي – ليس عن حزن, بل عن فرح. يظهر أن غلافي الخارجي كان قد تلاشى بعيداً.

بالرغم من وفاة غوردجييف, جميعنا شعر انه تركنا مع طاقة هائلة؛ بدا لنا أن كل شيء في هذه الحياة ممكن.

عودة الى الصفحة السابقة




1.   نُشر المقال بكامله في كتاب Without Benefit of Clergy للكاتب فرانك سينكلير (Frank Sinclair), وهذا التلخيص مقدم هنا بإذن مباشر منه.

 

الرئيسية | مقدمة | الحركات | الموسيقى | كتاباته | قراءات | تلاميذه | عمل المجموعات | خاص بنا

عن هذه النشرة | اتصل بنا

كافة الحقوق محفوظة ©